معنى البداء في الانسان: أن يبدو له رأي في الشيء لم يكن له ذلك الرأي سابقا، بأن يتبدل عزمه في العمل الذي كان يريد أن يصنعه، إذ يحدث عنده ما يغير رأيه وعلمه به، فيبدو له تركه بعد أن كان يريد فعله، وذلك عن جهل بالمصالح وندامة على ما سبق منه .
والبداء بهذا المعنى يستحيل على الله تعالى لأنه من الجهل والنقص وذلك محال عليه تعالى ولا تقول به الإمامية قط.
قال الإمام الصادق عليه السلام : (من زعم أن الله تعالى بدا له في شيء بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله العظيم).
وقال أيضا (من زعم أن الله بدا له في شيء ولم يعلمه أمس فأبرأ منه).
غير أنه وردت عن أئمتنا الأطهار عليهم السلام روايات توهم القول بصحة البداء بالمعنى المتقدم، كما ورد عن الصادق عليه السلام: (ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني) ولذلك نسب بعض المؤلفين في الفرق الإسلامية إلى الطائفة الإمامية القول بالبداء طعناً في المذهب وطريق آل البيت عليهم السلام، وجعلوا ذلك من جملة التشنيعات على الشيعة من غير تثبت.
والصحيح في ذلك أن نقول كما قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب).
ومعنى ذلك أنه تعالى قد يُظهر شيئا على لسان نبيه أو وليه أو في ظاهر الحال لمصلحة تقتضي ذلك الإظهار، ثم يمحوه فيكون غير ما قد ظهر أولا، مع سبق علمه تعالى بذلك، كما في قصة إسماعيل لما رأى أبوه إبراهيم أنه يذبحه. فيكون معنى قول الإمام عليه السلام أنه ما ظهر لله سبحانه أمر في شيء كما ظهر له في إسماعيل ولده إذ اخترمه قبله ليعلم الناس أنه ليس بإمام، وقد كان ظاهر الحال أنه الإمام بعده لأنه أكبر ولده. وقريب من البداء في هذا المعنى نسخ أحكام الشرائع السابقة بشريعة نبينا صلى الله عليه وآله، بل نسخ بعض الأحكام التي جاء بها نبينا صلى الله عليه وآله