مشهد المحسن السِّقط

معالم وآثار
2018-11-21 آخر تحديث :2018-12-10 07:45

جبل جَوشَن ـ جبلٌ في غربي حَلَب، ومنه كان يُحمَل النحاس الأحمر وهو مَعدِنه، ويُقال: إنّه بَطُل منذُ عبَرَ سَبيّ الحسين بن علي عليه السّلام، وكانت زوجة الحسين حاملاً فأسقطت هناك، فطلبت من الصُّنّاع في ذلك الجبل خُبزاً أو ماءً، فشَتَموها ومنعوها، فدَعَت عليهم

جبل جَوشَن ـ جبلٌ في غربي حَلَب، ومنه كان يُحمَل النحاس الأحمر وهو مَعدِنه، ويُقال: إنّه بَطُل منذُ عبَرَ سَبيّ الحسين بن علي عليه السّلام، وكانت زوجة الحسين حاملاً فأسقطت هناك، فطلبت من الصُّنّاع في ذلك الجبل خُبزاً أو ماءً، فشَتَموها ومنعوها، فدَعَت عليهم، فالآن مَن عَمِل فيه لا يربح. وفي قِبلَي الجبل مشهد يُعرَف بـ «مشهد السِّقْط» ويُسمّى «مشهد الدكّة» والسقط يُسمّى محسن بن الحسين عليه السّلام.

وكتب يحيى بن أبي طيّ في تاريخه: إنّ سيف الدولة (الحمداني) عمّر المشهد؛ لرؤيا رآها، فاستفسر عن الموضع فأُخبِر بالحقيقة.

وقال الشيخ كامل الغِزّي في تاريخه عن ابن الفُوَطي: إنّ مشهد الدكّة ظهر في عام 351هـ، وسبب ظهوره هو أنّ سيف الدولة كان في إحدى مَناظِره التي بداره خارج المدينة، فرأى نوراً نزل على مكان المشهد، وتكرّر ذلك.. فركب بنفسه إلى ذلك المكان وحضر، فوجد صخراً عليه كتابةٌ هذا نصُّها: (هذا قبر المحسن بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب). فجمع العلويين وسألهم: هل كان للحسين ولدٌ اسمه المحسن؟ فقال بعضهم: ما بلَغَنا ذلك، وإنّما بَلَغَنا أنّ فاطمة كانت حاملاً فقال لها النبيّ صلّى الله عليه وآله: في بطنِكِ «محسن»، فلمّا كان يومُ البيعة هجموا على بيتها لإخراج عليٍّ للبيعة فأخدَجَت.

وقال بعضهم الآخر: إنّ بعض سَبيّ نساء الحسين هي التي طَرَحَته لمّا مرّوا بهنّ على هذا المكان المسمّى بـ «الجَوشَن» لأنّ شمر بن ذي الجوشن نزل عليه بالسبي والرؤوس. فقال سيف الدولة: هذا الموضع قد أذِنَ اللهَ لي بإعماره، فأنا أعمره على اسم أهل البيت عليهم السّلام.

وفي (مراقد المعارف) كتب حرز الدين: المشهور أنّ صاحب المشهد هو ابن الإمام الشهيد أبي عبد الله الحسين بن عليّ بن أبي طالب، مرقده في جبل جَوشَن في حلب غرباً في سوريا، ويُعرَف بـ «مشهد السِّقْط».

ذكر المؤرّخون أنّ المشهد شيّده الأمير أبو الحسن عليّ سيف الدولة الحمداني سنة 351هـ.

وفي (أضواء وآراء) كتب الدكتور عبد الرحمان الكيالي حول تاريخ هذا المرقد: إنّ هذا المرقد يحوي ضريح الطَّرْح محسن بن الإمام الحسين بن الإمام عليّ بن أبي طالب، ويُعرَف بمشهد الدكّة وبمشهد الطَّرح، وهو عامرٌ وواقع غربيَّ حلب.

وكان ابن أبي طيّ قد وصف مشهد السقط بعد أن زاره، فكتب: لحظتُ هذا المشهد وعليه بابٌ صغير، وحَجَر أسود تحت قَنطَرته مكتوب عليها بخطّ أهل الكوفة كتابة عريضة ما نصُّها: عمّر هذا المكان المشهد المبارك؛ ابتغاءً لوجه الله وقربةً إليه، على اسم مولانا المحسن بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، الأميرُ الأجلّ سيف الدولة أبو الحسن عليّ بن عبد الله بن حمدان سنة 351هـ.

وفي أيّام بني مَرْداس بُني المصنع الشمالي للماء، وبُني الحائط القِبْلي، وعُمِل للضريح طَوق وعرائس من فضّة وجُعل عليها غشاء، وبنى نور الدين في صحنه صِهْريجاً ومِيْضَأة(مكان الوضوء) فيها بيوت كثيرة (أي غُرَف عديدة) ينتفع بها المقيمون فيه.

وهدم رئيس حلب صفيّ الدين طاروق بن علي النابلسي المعروف بابن طريرة بابَ المشهد الذي بناه سيف الدولة وحَسَّنه.

وفي أيّام الملك الظاهر غياث الدين غازي بن صلاح الدين يوسف بن أيّوب (توفي 613 هـ) وقع الحائط الشمالي، فأمر ببنائه. وفي أيّام الناصر يوسف بن عبدالعزيز، محمّد الظاهر (ت 634هـ) وقع الحائط القِبْليّ، فأمر ببنائه، وعمّر الرَّوشَن الذي بقاعةِ الصحن.

ولمّا مَلَك التتارُ حلبَ نهبوا ما في مشهد السِّقْط من الأواني والبُسُط، وخَرّبوا الضريح ونَقَضوا الأبواب. حتّى إذا ملك الظاهر برقوق بن الرضي (ت 801 هـ) والي حلب، أمر بإصلاح المشهد، وجعل فيه إماماً للجماعة وقيّماً ومؤذّناً.

هذا في الماضي، أمّا وضعه الحاضر فالمشهد محافَظٌ على ما كان عليه من أيّام برقوق.

ولشرف المشهد المبارك (مشهد السِّقْط).. أحبّ الناس ـ لا سيّما الفضلاء ـ أن تكون قبورهم إلى جانبه، وأصبح مشهد السقط مَدفناً لوجوه الشيعة ومشاهير علمائها هناك، منهم: العالم السيّد أبو المكارم حمزة بن عليّ بن زُهرة (ت 585 هـ)، المعروف بالحسني الحلبي، العالم الفاضل الثقة الجليل، صاحب المصنّفات الكثيرة في الإمامة والفقه، مقتدى شيعة حلب.

ومنهم: العالم المحقّق محمّد بن علي بن شهرآشوب السَّرَوي المازندراني(ت 588هـ)، صاحب المؤلّفات النفيسة: مناقب آل أبي طالب، ومعالم العلماء، ومتشابه القرآن، وقد أذعن المؤرخون لجلالة قَدْره وعلوّ مقامه حتّى وصفه الصَّفَدي بقوله: رشيد الدين الشيعي، أحد شيوخ الشيعة، بلغ النهاية في أصول الشيعة، وكان يُرحَل إليه من البلاد، ثمّ تقدّم في: علم القرآن والغريب والنحو، ووعظ على المنبر أيّام المقتفي ببغداد فأعجبه وخلع عليه، وكان مليح المحاورة واسع العلم كثير الخشوع والعبادة والتهجّد. وقبره في حلب جبل جوشن، عند مشهد السِّقْط. ومنهم: الشاعر الشيعي الشهيد ابن منير الطرابلسي(ت 548هـ).

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://t.me/relations113
التعليقات