حاوره: حيدر السلامي
ليس من السهل أن ينتقل المرء من رأي اعتقد صوابه وعاش على هذا الاعتقاد مدةً إلى رأي آخر قد يخالفه جوهرياً، وما هو بالهيّن أن يكسر الإنسان تقليداً اعتاده، خاصة وأن ابن آدم بطبعه يركن إلى المألوف ويميل إلى الدعة والراحة ويسكن إلى ما تلقاه استيحاءً من إطاره المرجعي الذي ولد ونما وترعرع في ظلاله فلم يخامره للحظةٍ شكٌ بصحة ما تربّى عليه بل قد يظن أن ليس وراء عالمه عالم ولا شيء أكثر قدسيةً مما أورثه الآباء.
حسناً.. إذا كنا قد قررنا هذا فكيف لنا أن نستسهل الانتقال من أحضان مدرسة فكرية عقائدية فقهية إلى أخرى تعارضها في كثير من المسائل إن لم نقل كلها.. لمعرفة جواب هذا السؤال وغيره من الأسئلة التقينا سماحة الشيخ هشام آل قطيط، الذي استبصر الحق في مذهب أهل البيت عليهم السلام بعد بحث طويل وعناء ومكابدة، ودار بيننا الحوار الآتي:
* بداية نود التعرف على بطاقتكم الشخصية؟
اسمي هشام عبد الله آل قطيط، من مواليد عام 1965 م، في قرية البابيري الواقعة على شاطئ نهر الفرات والتابعة إلى ناحية مسكنة، قضاء منبج، محافظة حلب العربية السورية.
أكملت دراستي الابتدائية هناك ثم انتقلت مع أسرتي بعد إنشاء سد الفرات سنة 1976 م إلى مدينة القامشلي ومن ثم إلى مدينة رميلان في محافظة الحسكة حيث أكملت دراستي الإعدادية والثانوية ومنها إلى حلب للالتحاق بالدراسة الجامعية في كلية الآداب، قسم اللغة العربية.
وبعد إنهاء الدراسة الجامعية التحقت بالخدمة العسكرية، وشاء الله أن تكون خدمتي في بيروت حيث نقطة الانطلاق إلى البحث عن الحقيقة.
* قصة التحول العظيم إلى مذهب الحق، كيف ومتى وأين بدأت ومن هم أبطالها؟
كما قلنا أن البداية كانت من بيروت ولم أكن قبلها أعرف شيئاً عن التشيع ولكني أتذكر أن أحد علمائنا وهو من أقارب والدتي واسمه محمد عمر المسراوي كان يقول لي: بني هشام: إياك ومجالسة الشيعة وعندما كنت اسأله لماذا؟ فيجيب إنهم هم الذين قتلوا الحسين، أما تراهم لحد الآن ينوحون ويبكون عسى أن يغفر الله لهم ويتوب عليهم؟!
هذه الشبهة وغيرها كانت مغروسة في نفسي منذ الصغر ولم أكن أعرف غيرها عن الشيعة أبداً.
والحاصل.. أنني التقيت صديقاً في بيروت اسمه دخل الله من قرية الطيبة الجنوبية وسألني عن أهلي وبلدي ودراستي ومن ثم سألني ماذا تعرف عن أهل البيت عليهم السلام فأجبته بأني لا أعرف شيئاً عنهم فأهداني كتاباً اسمه ( المراجعات) فأخذت الكتاب وقرأت فيه وقد أثر في نفسي أيّما تأثير، لأنه ذكر روايات وأحاديث نبوية لم أسمع بها في حياتي مثل: حديث كتاب الله وعترتي إذ أنني عشت طوال عمري مع حديث كتاب الله وسنتي.
ومن هنا توجهت إلى د. عبد الفتاح صقر وهو من خطباء الجمعة المعروفين في منطقة عائشة بكار، فسألته عن هذا الكتاب فأجابني بأنه كتاب خيالي كتبه العالم الشيعي بعد وفاة شيخ الأزهر. فقلت له شيخنا الأجل.. لنفترض جدلاً أن الحوار مدبلجٌ.. فهل الأدلة الواردة فيه خيالية أم حقيقية قال لي ماذا تقصد؟ قلت: كتاب الله وعترتي أهل بيتي؟! أم كتاب الله وسنتي.. أيهما أصح؟ قال: حديث وعترتي حديث موضوع، افتراه الشيعة، فقلت على الفور هل استطاع الشيعة الوصول إلى صحاحنا ليدسّوا فيها الأحاديث؟!
إذ أن حديث وعترتي موجود في صحيح مسلم بينما وسنتي يرويه الإمام مالك في موطئه الجزء الثاني صفحه 899 طبعة دار إحياء التراث العربي فإذا أردنا أن نرجح على أساس الصحة وقوة السند والدلالة فأن صحيح مسلم والبخاري يأتيان بعد القرآن كما هو معروف لدى السنة، ولا قيمة لحديث مالك بعد ذلك فموطأه أوطأ من الصحاح الستة - فارتبك الشيخ ولم يرد جواباً!! وبهذا غادرته لأذهب بعد مدة للقاء الشيخ طارق اللحام الذي سألته عن حديث (لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً ما وليهم اثنا عشر خليفة) الذي ترويه الكتب السنية بأجمعها فمن هم هؤلاء الاثنا عشر؟ فابتدأ الشيخ يخلط بين الخلفاء الاثني عشر والعشرة المبشرين بالجنة ولما أشكلت عليه في ذلك قال: هل قرأت كتاب ثم اهتديت؟ إذا كان هذا الكتاب عندك فاحرقه، قلت: لكنه يحتوي على آيات قرآنية وأحاديث نبوية فهل يجوز إحراقه؟ قال: يا بني لقد اتصلنا بتونس وعرفنا أن هذه الشخصية (التيجاني) غير موجودة بالحقيقة.. والشيعة يكتبون هذه الكتب ويدّعون أنها لسنيين تشيعوا.. وبدأ الشيخ ينصحني بترك الضلالات على حد قوله. وأهداني كتاباً للشيخ الهرري بعنوان(المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية) الذي قرأته بعد ذلك لأقف على حديث (ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار) فسألت بعض علماء منطقتنا عنه فقالوا لي حرفياً: إن الشيخ الهرري (رئيس عصابة) لأنه تحدث عن معاوية بهذه الطريقة ووسمه بـ(رأس الفئة الباغية) تطبيقاً لهذا الحديث.
ومن هذه الحوارات وغيرها التي لا أذكرها تجنباً للإطالة ومن مطالعاتي لبعض الكتب التي وقعت عليها يدي في تلك المرحلة اكتشفت زيف ما يدعيه أهل السنة عن الشيعة وأن الحق كل الحق مع عليّ بن ابي طالب وأبنائه وشيعته السائرين على هديه وليس بعد الحق إلا الضلال.
* أي الكتب الشيعية التي كان لها الفضل الأكبر في الاهتداء إلى حقيقة الحقائق (ولاية أهل البيت عليهم السلام)؟
أهم الكتب التي أثرت في نفسي وفتحت عيني على الحقيقة التي كنت مغيباً عنها هي: المراجعات للإمام شرف الدين العاملي (ره) ثم اهتديت للتيجاني السماوي، الغدير للعلامة الأميني (ره)، لماذا اخترت مذهب أهل البيت (عليهم السلام) لمحمد مرعي الأنطاكي،ثم تلتها كتبٌ أخرى كثيرة ساعدتني على الوصول إلى شاطئ السلامة والأمان والحمد لله أولاً وآخراً.
* ما هي إرهاصات التحول وانعكاساته على حياتك وعلاقاتك؟
أما الإرهاصات التي سبقت إعلان تشيعي فقد تمثلت بالقلق والاضطراب والتشوق لمعرفة الحقيقة بأسرع ما يمكن بالإضافة إلى اهتزاز الصور الكثيرة التي كنت أعتقد بثباتها وتزعزع الأفكار التي طالما ظننتها مسلمات لا تقبل الجدل والنقاش، وبعد أن تكشفت لي الحقائق كما هي أحسست بأني كنت أعيش مخدوعاً طيلة هذه السنوات من عمري وشعرت بالندم ومرارة الحقيقة وحرصت على أن أعوض ما فاتني من تقصير تجاه ديني وعقلي وروحي التي خيم عليها الجهل مدة ليست بالقصيرة.
وأما الانعكاسات السلبية فأبرزها المواجهة الحادة التي لقيتها من والدي إذ أنه أمرني بترك البيت وقال لي بالحرف الواحد.. لست ابني ولا أعرفك وتنكر أهل بلدي وأصدقائي وأقاربي ونظرتهم إلي بعين الشك والارتياب وجاء كثير منهم لنصحي بالرجوع إلى حظيرة التسنن، ولكن الذي كان يحدث غالباً أنني أواجههم ببعض الأسئلة التي لا يجدون لها جواباً فتحدث فيهم تشويشاً وتوقفاً يدفعهم إلى إعادة النظر والبحث في المصادر ومناقشة الأدلة حتى أني أحدثت فيهم هزة عنيفة أيقظتهم من سبات طويل أذعنوا فيه لتصديق ما ألفوه بتقليد الآباء دون مناقشة.
وأما الانعكاسات الإيجابية لتشيعي فأهمها أنني استطعت ولله الحمد أن أقيَ نفسي وأهلي ناراً وقودها الناس والحجارة، لو بقينا مبتعدين عن مذهب الحق المتمثل بأهل البيت المعصومين (عليهم السلام) ولقد كان لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الفضل الأكبر في هدايتنا إلى الحق، لأن أول موضوع أثار اهتمامي وكان محور بحثي الطويل هو مظلومية هذا الإمام العظيم، وقد كانت زيارته لأبي في الرؤيا، السبب الأعظم لاقتناعه وتصديقه لما دعوته إليه، وهو الآن قد أصبح من أكثر الناس حباً وإيماناُ بمنهج علي (عليه السلام) وإمامته على الخلق وتبعه في ذلك كل أهلي وإخواني وأخواتي والعديد من أقاربي وأصدقائي.
* ظاهرة التحول إلى الفرقة الناجية أضحت ملفتة للأنظار، وحركة التشيع في تصاعد مستمر.. في المقابل هل هناك حركة توازيها قوةً وتعاكسها اتجاها؟
كلا.. لا وجود لمثل هذه الحركة المعاكسة التي تفترضونها في السؤال ولكن قد يدعي أو يروج البعض لحركة من هذا النوع وقد تذكر أسماءُ في هذا الصدد، لذلك فإني أحب أن أوضح مسألة مهمة هنا، وهي أن وجود ثلة قليلة من ضعاف الإيمان أو العقول أمثال موسى الموسوي وأحمد الكاتب قد خرجوا من التشيع إلى التشيع بمعنى أنهم دعوا إلى إصلاح وتصحيح بعض المعتقدات والطقوس التي يمارسها عوام الشيعة وبعض متعصبيهم، ظناً منهم بخطأ هذه المعتقدات لا يعني أنهم خرجوا من التشيع إلى التسنن، ولم نجد عنواناً واحداً بين مؤلفاتهم يدل على غير الدعوة إلى التصحيح وإعادة النظر ببعض الأمور على عكس المستبصرين الذين تحفل كتبهم بعناوين واضحة الدلالة على خروجهم الكلي من دائرة السنة إلى دائرة الشيعة والأمثال في هذا الباب كثيرة ك(ثمّ اهتديت، ودخلنا التشيع سجداً، بنور فاطمة، اهتديت، لماذا اخترت مذهب أهل البيت (عليهم السلام) الخدعة رحلتي من السنة إلى الشيعة، رحلتي إلى الثقلين، وغيرها كثير.
* بعضهم يتهم الشيعة بأنهم يستأجرون الأقلام النفعية للكتابة وفق مذهبهم.. كيف تدفعون هذه التهمة؟
هذا من السفه والجهل بواقع الشيعة فمن أين للشيعة أن تدفع لأقلام نفعية وهي تعيش الظلم والاضطهاد والقمع في كل مكان وها أنا ذا أمامك.. أسكن مع زوجتي في غرفة واحدة هي للنوم وللمعيشة واستقبال الضيوف والمكتبة.. وقد مرت بي ظروف.. الله وحده يعلم بصعوبتها المادية حتى اضطررت للعمل ب(الباطون) إلى جانب دراستي في الحوزة أيام كنت بلبنان وقد قاطعني جميع أهلي وأقاربي، ثم إنني الآن أسألك: لو فرضنا أن الشيعة أرادت القيام بهذا العمل، أما يكون الأولى لها أن تؤجر أقلاماً معروفة وأسماء لامعة؟.. تمتلك الثقل والاحترام الكبير في ساحة العلم أو الأدب أو الصحافة ولها شهرتها كالعقاد أو طه حسين مثلاً.. فأرني واحداً من مثل هؤلاء كتب منصفاً للشيعة فضلاً عن الكتابة لتأييدهم؟ ولكن وراء هذه التهم الباطلة أفواه تريد أن تطفئ نور الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
* ويتهم الشيعة أيضاً بأنهم يختلقون أحداثاً ويخترعون رجالاً يزعمون أنهم استبصروا وهم غير موجودين إلا في مخيلة الشيعة؟
أرد على هذه التهمة بأني أتحدى أحداً يستطيع إثباتها، بينما باستطاعة أي كان أن يتصل بمن شاء من الشخصيات التي استبصرت من أمثال التيجاني الذي هو الآن في ديترويت الأمريكية أو أحمد حسين يعقوب الأردني الموجود الآن في جرش وله مكتب محاماة هناك ويعرفه كل الناس في تلك المدينة وهذا الشيخ الأنطاكي في سوريا وإدريس الحسيني هنا في السيدة زينب ومروان خليفات أيضاً في السيدة زينب، هؤلاء كلهم وآخرون لا يتسع المجال لذكرهم.. أشخاص حقيقيون ومعروفون لا نكرات ولا مجهولون وليس هناك أحد منهم قد صعد إلى القمر أو نزل من المريخ، وهذه كتبهم معروفة ومتداولة في الأسواق والمكتبات أينما ذهبت وصورهم كذلك وعناوينهم.. ولا يحتاج الشيعة لاختراع الشخصيات الوهمية لتثبيت مذهبهم لأن مذهبهم هو الإسلام الحق الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) من عند الله العلي القدير الذي نصب الأعلام والخلفاء الأئمة المعصومين لحفظه وصيانته من التحريف بعد وفاة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أما غير الشيعة فقد اخترعوا واختلقوا ما الله عالم به كمثل عبد الله بن سبأ لتبرير اجتهاداتهم الخاطئة مقابل النصوص الواضحة.
* يعتقد البعض بأن الدعوة إلى التشيع قد تضر بالوحدة الإسلامية التي نحن أحوج إلى تحقيقها اليوم، ما تعليقكم على ذلك؟
الوحدة الإسلامية إنما تتم بالتمسك بحبل الله كما قرره القرآن الكريم بقوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) وهنا نسأل ما هو حبل الله؟ وتجيبنا التفاسير الإسلامية قديماً وحديثاً بأن حبل الله المتين هم أهل البيت (عليهم السلام) ولا شيء سوى ذلك.
إذاً فالتمسك بأهل البيت (عليهم السلام) يعني الاعتصام من التفرقة.. يعني الوحدة الإسلامية التي يريدها الله لنا.
كذلك الحديث النبوي الشريف يؤكد هذا المعنى، فقد قال الرسول (صلى الله عليه وآله) إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً.
وما سكوت الإمام علي عن المطالبة بحقه في الخلافة إلا للمحافظة على وحدة المسلمين وهو رائد هذه الوحدة وأول داعٍ إليها بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلا شك.
* عاشوراء الحسين (عليه السلام) وملحمة الطف الخالدة تحتل الصدارة في الفكر الشيعي.. ماذا عنها في الفكر السني والعالمي؟
كلمة عاشوراء هي عالمية لأن الحسين عالمي وعالميته تنبع من عالمية جده محمد (صلى الله عليه وآله) بنص الآية (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ومحمد (صلى الله عليه وآله) قال (حسين مني وأنا من حسين) فإذا كان النبي (صلى الله عليه وآله) عالمياً كان الحسين عالمياً أيضاً لأنه منه كما ينص الحديث الشريف، لهذا وغيره من الأدلة الكثيرة يجب أن لا نحجم الحسين ونضيق دائرته بكلمة شيعي أو سني، زد على ذلك أن كل الكتب السماوية والأنبياء قد ذكروا الحسين وسموه (شبير) وأذكر أن قسيساً بريطانيًا قال: والله لو أن عندنا (أي النصارى) مثل الحسين لرفعنا في كل مدينة بيرقاً ونصبنا في كل زاوية منبراً ودعونا الناس إلى المسيحية باسم الحسين.
وأذكر أنطوان بارا ذلك المسيحي الذي كتب في الحسين كتاباً أسماه (الحسين في الفكر المسيحي) والمسيو ماربن وبولس سلامه وجورج جرداق وميخائيل نعيمة وبولس الحلو وغيرهم من المسيحيين، أما إخواننا السنة فقد تناولوا قضية الحسين باهتمام ليس له نظير وأنا أقول أن في الفكر الإسلامي عقولاً كبيرة ومنفتحة غير متقوقعة أمثال الدكتور محمود عكام المفكر الإسلامي السوري المعروف إمام مسجد التوحيد الكبير وأستاذ كلية الشريعة في حلب وقد سمعت له محاضرة بعنوان(عاشوراء) والدكتور الشيخ أحمد بدر الدين حسون مفتي حلب الأكبر كذلك له محاضرة عن الحسين وعاشوراء كتبت عنها(المنبر) ومحمد عبد الستار السيد مدير أوقاف طرطوس.. ماذا تكلم عن عاشوراء؟! حتى بكى وأبكى الناس معه في المسجد، ومثال آخر الشيخ عبد الله العلايلي إذ وضع كتاباً بعنوان (سمو المعنى وسمو الذات أو أشعة من حياة الحسين) وله قصيدة في بداية الكتاب حملت عنوان(دمعة سني على الحسين) إذاً فإن الحسين لا ينحصر بطائفة أو قومية أو مكان أو زمان بل العالم كله يشدو ويتغنى بالحسين (عليه السلام).
* هل الدعوة إلى التشيع جزء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمرنا الله به؟
بلا شك فإن الدعوة إلى التشيع معناها الدعوة إلى الحق والنهي عن اتباع غير الحق. وفي اعتقادي أن الرسول (صلى الله عليه وآله) أول من دعا إلى التشيع بأمرٍ من الله كما حصل في غدير خم حين جمع الناس وخطب فيهم مبيناُ أن طريق الحق يكون باتباع علي (عليه السلام) لأنه الخليفة والإمام المنصوص عليه والمختار من قبل السماء بعد رسول الله فعلي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار، وكانت قد نزلت آية تأمر النبي بالصدع بالحق والتبليغ بولاية أمير المؤمنين علي (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس).
ولذلك امتثل الرسول (صلى الله عليه وآله) لأمر الله فقال في خطبته (من كنت مولاه فهذا علي مولاه.. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) من هنا نعرف قيمة التبليغ بولاية أمير المؤمنين وبخط التشيع لأئمة أهل البيت المعصومين (عليهم السلام) وأنها تأتي على رأس قائمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
* يتوجس إخواننا أهل السنة من الشيعة ولا يقرؤون كتبهم.. فبماذا تنصحهم وقد كنت بالأمس القريب منهم وفيهم ولهم؟
في الحقيقة أن ظاهرة توجس بعض إخواننا السنة من كتب الشيعة هي ظاهرة هروب، لأن برأيي إن كان المرء معتداً بأفكاره ومذهبه وواثقاً بأنها صحيحة ويمتلك الحجج القوية لدعمها لا يخاف من الرأي الآخر ولا يخشى على نفسه الانزلاق بل عليه أن يناقش ويبحث في آراء الآخرين و يواجههم ويدعوهم إلى التصحيح بما يمتلك من براهين وأدلة دامغة، حقيقةً.. لقد كنت أعيش هذه الدوامة وكان أحد علمائنا يقول لي إياك أن تجلس مع الشيعة أو تحاورهم أو تخالطهم فجعلني أعتقدهم أشباحاً.. لماذا الخوف من الحوار مع الشيعي وهو مسلم يصلي إلى القبلة ويصوم ويؤمن بالله ويزكي ويحج؟ أنا أقول يجب على المسلمين السنة والشيعة أن يلتقوا ويتحاوروا ويثق بعضهم ببعض ويتخلى عن الماضي وتراكماته التفريقية التي زرعها الاستعمار في جسد الأمة الواحدة.. يجب أن نفتح باب الحوار الهادف الهادئ البناء، أي الحوار كما أراده الله ورسم صورته في كتابه المجيد فقال(قل تعالوا يا أهل الكتاب إلى كلمة سواء بيننا..) وقال (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة).. ومن هنا أستطيع القول أن القرآن أول من أسس قاعدة الحوار الحر، والدليل قوله تعالى: (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب) سورة الزمر: الآية 17 ، 18.
* إذا أردت أن تبرهن لأحد أن الشيعة هي الفرقة الناجية فمن أين تبدأ معه الكلام؟
البراهين اكثر من أن تحصى ولكني أميل إلى أن تكون البداية من آية الولاية (إنما وليكم الله ورسوله والمؤمنون الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) كدليل قرآني، ومن حديث الثقلين (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا) كدليل روائي فهذان الدليلان بوحدهما كافيان لمعرفة الحق لمن أراد أن يهتدي إلى سواء السبيل.
* كيف لنا أن نتغلب على أزمة الحوار الملتزم بالأعراف الدينية والمنهج العلمي بين المسلمين؟
يجب أن لا يخرج الحوار على حدوده، للحوار أدبيات منها: أن يكون هناك تكافؤ بين الطرفين فلا يمكن أن يتحاور الجاهل مع العالم، يقول الإمام علي (عليه السلام) ما جادلت جاهلا إلا وغلبني وما جادلت عالما ًإلا غلبته، كذلك بجب أن نأخذ بالاعتبار التكافؤ في المنهج والأسلوب فلا يجدي حوار بين طرف منفتح متحرر مع طرف آخر متعصب منغلق على ذاته،ولا يجب أن يتحول الحوار الإسلامي إلى مهاترات وكشف عورات وإنما المفروض أن الحوار يخرج بنتائج حقيقية ويفتح أفقاً من التفاهم والتعاون والشورى في الرأي والعمل.
* علمنا أن لكم مؤلفات عديدة حبذا لو استعرضتم بعض عناوينها؟
أصدرت عام 1997 كتاباً اسمه وقفة مع الدكتور البوطي في مسائله وهو عبارة عن حوار عقائدي ورد على بعض المزاعم والمطاعن التي أوردها البوطي في كتاب أراد به إثبات أحقية أبي بكر بالخلافة.
وأصدرت كتاباً ثانياً للرد على البوطي في كتابه عن تفضيل عائشة على سائر زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) وكتابي الثالث بعنوان (الأزهر بين فكي كماشة التيار السلفي وظاهرة التوظيف الديني) وهو رد على الدكتور محمد سيد طنطاوي الذي كتب يدافع عن ابن تيمية دفاعاً مستميتاً بعد ما كتب حسن شحاته في هذا الموضوع وأثبت أن خمسين عالماً من أهل السنة يكفرون ويطعنون بابن تيمية، وأعلن تشيعه عام 1996 في مجلة روز اليوسف.
وكتابي الرابع عرضت فيه رحلتي إلى مذهب الحق بعنوان (ومن الحوار اكتشفت الحقيقة من بيروت كانت البداية) ولي كتاب (عليّ في الأرض والسماء) ومشروعي الأخير (المتحولون) الذي صدر منه الجزء الأول وقد أحصيت فيه 43 شخصية انتقلت إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وآمل أن تصدر بقية الأجزاء في المستقبل القريب إن شاء الله وسيقرأ الناس عن المئات من الشخصيات التي استبصرت الحق واكتشفت طريق الهدى.