بسم الله الرحمن الرحيم
(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) صدق الله العلي العظيم
المصادر التاريخية الشيعية والسنية تتفق على ان النبي صلى الله عليه وآله مات مسموماً، ولكن بعض المصادر السنية تحاول ان تتغاضى عن ذلك.. وهذا بحد ذاته يشير الى تورط شخصيات مهمة عندهم في عملية القتل..
وكان استشهاد النبي (صلّى الله عليه وآله) في اليوم الثامن والعشرين من شهر صفر في السنة العاشرة من الهجرة .
جاء في السيرة النبوية لآبن كثير :ـ عن الأعمش عن عبد الله بن نمرة عن اب الاحوص عن عبد الله بن مسعود إذ قال: لئن أحلف تسعا أن رسول الله قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل، وذلك لأن الله اتخذه نبيا واتخذه شهيدا.
وقال الشعبي: والله لقد سم رسول الله
ومما يؤيد هذه الحقيقة أيضا: أن أعراض السم ظهرت على وجه وبدن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) قبيل وبعيد وفاته، إذ تذكر كتب السيرة أن درجة حرارة رسول الله ارتفعت ارتفاعا خطيرا في مرضه الذي توفي فيه وبصورة غير طبيعية، وأن صداعا عنيفا في رأسه المقدس الشريف قد صاحب هذا الارتفاع في الحرارة. ومن المعروف طبياً أن ارتفاع حرارة الجسم والصداع القوي هو من نتاج تجرع السم.
يذكر ابن سعد: فلما كان يوم الأربعاء بدأ برسول الله المرض فحم وصدع..
وكانت أم البشر بن البراء قد قالت للرسول: ما وجدت مثل هذه الحمى التي عليك على أحد.
وهذا النص يثبت بدلالة قاطعة أن الحمى التي اعترت المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) لم تكن حمى طبيعية و ذلك لأنها لم ترى مثل هذه الحمى من قبل ، وهذه الحمى ما هي إلا من السم الذي جرعوه فقد تغير لونه و حالته .
والرواية التي ذكرها عبد الله الاندلسي في كتابه تقول :ـ
بعدما لدوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رغما ًعنه
قال صلى الله عليه وآله وسلم : من فعل هذا ؟
فقالوا: عمك العباس!
ويتضح من قبل المنفذين انكار فعلتهم الشنيعة وأتهموا العباس عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا إن ذلك لم يخف عن رسول الله الذي برأ عمه العباس من تلك الفعلة و اتهامهم و دليل ذلك حينما طردهم من داره و ابقى العباس يعاين حاله .
إذ قال صلى الله عليه وآله: لا يبقى أحد منكم إلا لد غير العباس فإنه لمشهدكم .
وقالت عائشة: لددنا (قمنا بتطعيم) رسول الله في مرضه. فقال: (لا تلدوني). فقلنا: كراهية المريض للدواء. فلما أفاق قال (لا يبقى منكم أحد إلا لد غير العباس فإنه لم يشهدكم).
وجاء في كتاب الطبقات ج 2/235 فأُغمِيَ عليه صلى الله عليه وآله حين أفاق والنساء يلددنه وهو صائم .
وقالت عائشة: لددنا رسول الله في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء. فقال: (لا يبقى أحد في البيت إلا لد، وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم ).
ومعنى لغوياً: (لدننا) أي جرعنا وسقينا
ما الذي جرعته عائشة للنبي صلى الله عليه وآله حتى نهى عنها ذلك فغضب وأمر بخروجها من الدار؟
ويجيبنا ابن القيم الجوزي :ـ كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أمر من في الدار بأن لا يلدوه و لا يجرعوه أي دواء مهما كان ، إذ روي أنه قال لهم بعد سقيه إياهم ذلك الدواء المزعوم: (ألم أنهكم أن لا تلدوني).
وبعد قيامهم بلد النبي، قال (صلى الله عليه وآله وسلم) عن عائشة: (ويحها لو تستطيع ما فعلت).
ويلاحظ من تلك الروايات التي ينقلها علماء من السنة تكشف لنا وجود مؤمره بتخطيط مسبق للسيطرة على دفة الحكم وقلب النظام الاسلامي باغتيال الرسول الاكرم وتجريعه سما على انه دواء للشرب .
وعند مراجعة الرواية السابقة بشكل دقيق نفهم من كلام عائشة ان الفاعل بلد (سقي) رسول الله صلى الله عليه وآله في منامه كانوا أكثر من شخص إذ قالت عائشة " لددنا رسول الله في مرضه، فقال: لا تلدوني.
ودل على كونهم جمع وذلك من الجمع في فعل (لددنا) وإذا افترضنا انها الوحيدة التي فعلت ذلك لقالت (لددت رسول الله في مرضه).
و لما أحس الرسول بسقيهم إياه وشعر بالسم استيقظ من منامه وقال مخاطبا اياهم : لا تلدوني
وقال صلى الله عليه و آله لم بصيغة الجمع: " ألم أنهكم" وهذا يشير ايضا ًعلى كونهم جماعة .
و الأرجح ان من نفذ هذه العملية هي عائشة وحفصة زوجتا النبي صلى الله عليه وآله و بتخطيط من عمر بن الخطاب و ابي بكر و أمر منهما حيث ان المستفيد الاكبر هما و هما اللذان تحققت اهدافهما و مصالحهما بقتل النبي صلى الله عليه وآله ولم يكتف عمر باغتيال النبي صلى الله عليه وآله مادياً.. بل قام باغتياله معنوياً في اللحظات الاخيرة من حياته المقدسة عندما قال قولته المشهورة : ان الرجل ليهجر.
ولا نعلم اي القتلتين كانت اشد على النبي صلى الله عليه وآله اغتيال جسده أم اغتيال نبوته وشخصه المقدس.. الذي قال عنه رب العالمين: وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يُوحى؟!
وبعد تلك الحقائق الدامغة نبحث عن افعال عمر بن الخطاب لنرى الوضوح في ان قتل الرسول صلى الله عليه واله وسلم كان معد له منذ زمن بعيد ولكن بطرق مختلفة.
جاء في سيرة ابن كثير فخرج عمر يوما متوشحاً سيفه، يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطاً من أصحابه قد ذكروا له أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا، ... فلقيه نعيم بن عبدالله فقال: أين تريد يا عمر ؟ قال : أريد محمداً ، هذا الصابئ الذي فرق أمر قريش ، وسفه أحلامها وعاب دينها وسب آلهتها ، فأقتله . فقال له نعيم: والله لقد غرتك نفسك يا عمر! أترى بني عبد مناف تاركيك تمشى على الأرض وقد قتلت محمدا؟! أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟ قال: وأي أهل بيتي ؟ قال : ختنك وابن عمك سعيد بن زيد وأختك فاطمة ، فقد والله أسلما وتابعا محمداً صلى الله عليه وسلم على دينه ، فعليك بهما . فرجع عمر عائداً إلى أخته فاطمة، وعندها خباب بن الارت معه صحيفة فيها " طه " يقرئها إياها. فلما سمعوا حس عمر تغيَّب خباب في مخدعٍ لهم أو في بعض البيت، وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها، وقد سمع عمر حين دنا إلى الباب قراءة خباب عليها. فلما دخل قال: ما هذه الهينمة التي سمعت؟ قالا له: ما سمعت شيئاً. قال: بلى والله لقد أخبرت أنكما تابعتما محمدا على دينه. وبطش بختنه سعيد بن زيد، فقامت إليه أخته فاطمة بنت الخطاب لتكفه عن زوجها فضربها فشجها. فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه: نعم قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك. فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع وارعوى، وقال لأخته: أعطيني هذه الصحيفة التي كنتم تقرأون آنفا، أنظر ما هذا الذي جاء به محمد. وكان عمر كاتباً. فلما قال ذلك قالت له أخته: إنا نخشاك عليها. قال: لا تخافي. وحلف بآلهته ليردنها إذا قرأها إليها.
ومحاولة ثالثة لاغتيال الرسول لدى عودة النبي صلى الله عليه وآله من غزوة تبوك (ابن حزم في المحلي بالآثار ج12 ح2203 كتاب الحدود) يقول: واما حديث حذيفة فساقط لأنه من طريق الوليد بن جميع- وهو هالك ولا نراه يعلم من وضع الحديث فانه قد روي اخبارا فيها ان أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن ابي وقاص ارادوا قتل النبي صلي الله عليه و اله والقاءه من العقبة في التبوك..
نرى ان ابن حزم يسقط الحديث لوليد بن جميع.
والحال ان وليد من رجال البخاري ومسلم وسنن ابي داود وصحيح الترمذي وسنن النسائي.
والحال ان كثير من كتب الرحال صرحوا بوثاقة وليد بن جميع.
وفي زمن حكم عثمان بن عفان، صرح حذيفة بن اليمان بأسماء الذين حاولوا قتل النبي في العقبة.. وكان منها أسماء ابو بكر وعمر وعثمان وسعد بن أبي وقاص وأبو موسى الاشعري وأبو سفيان بن حرب وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف.
ونطرح سؤال واجابته للدلالة على أن استشهاد النبي مسموما بمخطط من قبل المذكورين للوصول للسلطة الدنيوية بعيدا عن المنهج الاسلامي ..
فهل ممكن أن يستشهد الرسول دون أن يكتب وصيته والله تعالى قال (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ ) ال عمران 180 .
فهل من المعقول أن يموت صاحب الشريعة الإسلامية بلا وصية؟ هل يمكن أن يأمر النبي أمته بالوصية ويتركها هو؟ وعمله حجة وسنة يأخذ بها المسلمون؟ وهو القائل: (من مات بلا وصية مات ميتة جاهلية).